• هل حقا يمكنك تعلم أي شيء تعلما ذاتيا؟

    كنت دائما ما أظن أنه يمكنني تعلم أي شئ أريده بدون مساعدة أي شخص. فمن ذاك الأحمق الذي سيحتاج إلى خبرة أو تجارب أحدهم بينما يمكنه أن يبحث عن ويصل إلى أي معلومة على جوجل.

    كنت أظن أنني أملك كل المعرفة الضرورية لفعل أي شئ، لكن الحقيقة هي أنني جاهل، جاهل درجة أولى. لا أملك غير قشور المعرفة عن العديد من المجالات لكن خبرة عملية؟ غير موجود. نظرة مختلفة؟ غير موجود. معلومات قيمة؟ غير موجود أيضا.

    أعتقد أنه يمكننا اليوم أن نسمي الفخ بوهم المعرفة، وهو ينتج بعد عدة أشهر من البحث والوصول بنجاح لما تحتاجه فتظن أنك يمكنك تعلم أي شئ وأن أي معلومة متاحة على الإنترنت بشكل مجاني تماما. فتصاب بالغرور وتظن في قرارة نفسك أنك في غنى عن علم وخبرة الآخرين، وأبشرك أن هذه بداية فشلك، فاحذر!

    ربما كلامي السابق -أنه يمكنك التعلم بمفردك- ينطبق فقط ولو بشكل جزئي على المجالات التقنية. ففي البرمجة مثلا إذا أردت تعلم لغة ما، هناك خارطة طريق واضحة للتعلم، هناك دوما خارطة طريق تصل بك من النقطة أ إلى النقطة ب. لكن في المجالات الاخرى، مثلا التدوين وصناعة المحتوى أو التسويق أو أي مجال يعتمد على التعامل مع البشر وليس الآلة، فشخص خبير ولديه العلم الكافي سيوفر عليك أعواما كثيرة من التخبط والتيه والإحباط. ربما إن كنت وحدك في واحد من تلك المجالات من البداية فلن تستطيع الاستمرار أصلا!

    لكن هل كلامي هذا يعني أن التعلم الذاتي غير مجدٍ؟ بالطبع لا! ما أريد قوله هو أنه لا يمكنك تعلم كل شيء بمفردك، لا يمكنك الوصول لكل شيء بمفردك، هناك دوما من هو أعلم منك، وهناك دوما من هو أكثر منك خبرة. لا توهم نفسك أنك وحدك كاف، لأنك -ببساطة- لست كذلك.

    كلامي السابق موجه لنفسي، لذلك دعني أتحدث قليلا عن الظروف التي وصلت بي إلى هذه العقلية، وكيف اقتنعت أخيرا أنها ليست صحيحة تماما:

    ذكرت من قبل أنني قد تعلمت الإنجليزية -والحمد لله- بمفردي، لكنني لم أذكر بقية القصة. أُتيحت لي كميات مهولة من المحتوى التعليمي فور إتقاني للغة، وهو ما أنبت في نفسي شيئا من الغرور، لأنني -وأخيرا- يمكنني تعلم أي شيء، أو هذا ما اعتقدته وقتها. تريد تعلم البرمجة؟ موجود. تريد تعلم التصميم؟ موجود. تريد تعلم التسويق؟ موجود. تريد تعلم الطبخ؟ موجود. كل شيء متاح، طوفان من مصادر التعلم كفيل بإيهامك أنك -وبمجرد إضافة مصدر تعليمي ما لمفضلتك- تملك هذه المعلومة وتجيد استخدامها!

    لكن يأتي الفشل ليعلمني أنني لا أعلم شيئا، وأنه مازال أمامي الكثير والكثير لأتعلمه. فها أنا هنا أخيرا بعد الكثير والكثير من الفشل أحاول تغيير عقليتي وأشارك معاكم أسباب فشلي لعلّي أحقق واحدا من أهدافي هذه المرة.

    أعتقد أنه وحتى لا تقع في هذه العقلية الخادعة مثلما فعلت أنا، عليك ولو لمرة أن تجرب محتوى مدفوعا. أو أن تجرب التحدث إلى من هو أعلم منك في مجالك، لتتفاجيء بكمية المعلومات الغائبة عنك فيذهب عنك الغرور وتتأكد بنفسك أنه ما زال أمامك الكثير لتتعلمه. وأدعوك لتجربة الاشتراك في رديف فهي تجربه ممتازة أعادت تشكيل تفكيري وغيرت كثيرا من عقليتي، لن أطيل عليك، فقط اذهب إلى موقعهم واقرأ تجارب الأعضاء، وإن كان لديك أي استفسار يمكنك دائما التواصل مع أستاذ يونس.

    وفي هذا السياق أحب أن أوجه الشكر الجزيل للأستاذ يونس بن عمارة -مؤسس مجتمع رديف- لأن له فضلا كبيرا علي في معرفة الكثير من الأمور التي كنت أجهل وجودها من الأصل. كما أنه لم يبخل علي ولا على أعضاء رديف، ولا حتى على متابعيه، بعلمه وخبرته، فبارك الله له في علمه.

    شكرا لقراءتك التدوينة كاملة وكما ذكرت سابقا فهذه التدوينة هي جزء من تحدي رديف للكتابة والذي أشجعك أن تشارك فيه لتحصل على اشتراك سنوي مجاني لمرة واحدة في مجتمع رديف، وهو مجتمع يضم نخبة من الكتاب ويساعدك لاحتراف الكتابة.