Category: تجاربي

  • لماذا أفشل في تعلم البرمجة؟

    بدأت بالتعرف على البرمجة عندما وجدت -بالصدفة- مجتمع حسوب I\O، بدأت عندها بتعلم HTML و CSS بدون امتلاك خلفية حتى عن أساسيات علوم الحاسب. كانت بداية متعثرة ومليئة بالأخطاء لكنها أفادتني كثيرا، حيث أنني تعلمت الدرس جيدا: لا تبدأ بتعلم شيء قبل فهم اساسياته -وربما بعضا من تاريخه وكيفية نشأته.

    تأتي المحاولة الثانية الجادة -على ما أتذكر- في شهر رمضان، فكنت اتعلم يوميا سبع ساعات، أذكر أنني كنت أتعلم جافاسكريبت حينها من قناة الزيرو ويب سكول -وهي قناة ممتازة بالمناسبة- لكن لم أستطع تعلم أي شيء حقيقي، ليس بسبب تدني جودة المحتوى أو الشرح السيء، بل بسبب أنني لا أطبق ما اتعلمه. كان تركيزي كله على الانتهاء من هذا الدرس للانتقال إلى ذاك في أسرع وقت، حتى أقول أخيرا أنني استطعت إنهاء الكورس! حسنا، الدرس الثاني: خذ وقتك، طبق ما تعلمته بمختلف الطرق ولا تتعجل، مشاهدتك للدروس دون تطبيق لا تنفع بشيء، بل ربما تضرك وتسبب ضعف ثقة بمهاراتك عندما تقف أمام محرر الأكواد عاجزا عن كتابة سكريبت بسيط.

    المرحلة -وليس المحاولة- الثالثة: وهي تلك المرحلة المليئة ب”البرمجة من أكثر الوظائف دخلا في العالم” و” كيف تربح آلاف الدولارات يوميا عن طريق تعلم البرمجة” والكثير والكثير من تلك العناوين التجارية التي -للأسف- غيرت من نظرتي للبرمجة من: “إنها مهارة مثيرة للاهتمام، أود تعلمها لأستطيع بناء وتنفيذ أفكاري.” إلى: “أود الحصول على وظيفة في مجال البرمجة بأسرع وقت ممكن.” وهنا وفور خروجي من هذه المرحلة تعلمت درسين بالطريقة الصعبة، الأول: استعجالك في التعلم لا يسرع من عملية التعلم بل يجعلها أقل متعة وأقل فائدة، الثاني: عقلية “الربح من البرمجة” عقلية مدمرة، فهي توقع بك في جميع الأخطاء السابقة من تسرع وتخط للأساسيات وعدم تطبيق لما تعلمته، وتضعك تحت ضغط لا داعي له بسبب محاولتك “التربح” من البرمجة، فعقليتك تتغير من بناء ما ينفع ويفيد المجتمع أو حتى يفيدك أنت فقط إلى الركض وراء “أكثر لغات البرمجة طليا” و “أعلى المجالات التقنية من حيث الرواتب”. توقف عن التفكير في ذلك!

    المحاولة الرابعة والحالية: التعلم بتأن وبدون أي توقعات، هذه هي المحاولة الرابعة سأحاول فيها تعلم الأساسيات أولا ثم تعلم لغة برمجة كبايثون مثلا ثم تعلم الخوارزميات، إلخ. ما سيميز هذه المرحلة هو أنني سأشارك ما أتعلمه هنا بشكل يومي كنوع من الالتزام العلني، وأيضا بغرض تعميق فهمي لما أدرسه. أتمنى أن أنجح هذه المرة وأحرز تقدما معقولا، تمنو لي التوفيق.

    شكرا لقراءتك التدوينة كاملة وكما ذكرت سابقا فهذه التدوينة هي جزء من تحدي رديف للكتابة والذي أشجعك أن تشارك فيه لتحصل على اشتراك سنوي مجاني لمرة واحدة في مجتمع رديف، وهو مجتمع يضم نخبة من الكتاب ويساعدك لاحتراف الكتابة.

  • هل حقا يمكنك تعلم أي شيء تعلما ذاتيا؟

    كنت دائما ما أظن أنه يمكنني تعلم أي شئ أريده بدون مساعدة أي شخص. فمن ذاك الأحمق الذي سيحتاج إلى خبرة أو تجارب أحدهم بينما يمكنه أن يبحث عن ويصل إلى أي معلومة على جوجل.

    كنت أظن أنني أملك كل المعرفة الضرورية لفعل أي شئ، لكن الحقيقة هي أنني جاهل، جاهل درجة أولى. لا أملك غير قشور المعرفة عن العديد من المجالات لكن خبرة عملية؟ غير موجود. نظرة مختلفة؟ غير موجود. معلومات قيمة؟ غير موجود أيضا.

    أعتقد أنه يمكننا اليوم أن نسمي الفخ بوهم المعرفة، وهو ينتج بعد عدة أشهر من البحث والوصول بنجاح لما تحتاجه فتظن أنك يمكنك تعلم أي شئ وأن أي معلومة متاحة على الإنترنت بشكل مجاني تماما. فتصاب بالغرور وتظن في قرارة نفسك أنك في غنى عن علم وخبرة الآخرين، وأبشرك أن هذه بداية فشلك، فاحذر!

    ربما كلامي السابق -أنه يمكنك التعلم بمفردك- ينطبق فقط ولو بشكل جزئي على المجالات التقنية. ففي البرمجة مثلا إذا أردت تعلم لغة ما، هناك خارطة طريق واضحة للتعلم، هناك دوما خارطة طريق تصل بك من النقطة أ إلى النقطة ب. لكن في المجالات الاخرى، مثلا التدوين وصناعة المحتوى أو التسويق أو أي مجال يعتمد على التعامل مع البشر وليس الآلة، فشخص خبير ولديه العلم الكافي سيوفر عليك أعواما كثيرة من التخبط والتيه والإحباط. ربما إن كنت وحدك في واحد من تلك المجالات من البداية فلن تستطيع الاستمرار أصلا!

    لكن هل كلامي هذا يعني أن التعلم الذاتي غير مجدٍ؟ بالطبع لا! ما أريد قوله هو أنه لا يمكنك تعلم كل شيء بمفردك، لا يمكنك الوصول لكل شيء بمفردك، هناك دوما من هو أعلم منك، وهناك دوما من هو أكثر منك خبرة. لا توهم نفسك أنك وحدك كاف، لأنك -ببساطة- لست كذلك.

    كلامي السابق موجه لنفسي، لذلك دعني أتحدث قليلا عن الظروف التي وصلت بي إلى هذه العقلية، وكيف اقتنعت أخيرا أنها ليست صحيحة تماما:

    ذكرت من قبل أنني قد تعلمت الإنجليزية -والحمد لله- بمفردي، لكنني لم أذكر بقية القصة. أُتيحت لي كميات مهولة من المحتوى التعليمي فور إتقاني للغة، وهو ما أنبت في نفسي شيئا من الغرور، لأنني -وأخيرا- يمكنني تعلم أي شيء، أو هذا ما اعتقدته وقتها. تريد تعلم البرمجة؟ موجود. تريد تعلم التصميم؟ موجود. تريد تعلم التسويق؟ موجود. تريد تعلم الطبخ؟ موجود. كل شيء متاح، طوفان من مصادر التعلم كفيل بإيهامك أنك -وبمجرد إضافة مصدر تعليمي ما لمفضلتك- تملك هذه المعلومة وتجيد استخدامها!

    لكن يأتي الفشل ليعلمني أنني لا أعلم شيئا، وأنه مازال أمامي الكثير والكثير لأتعلمه. فها أنا هنا أخيرا بعد الكثير والكثير من الفشل أحاول تغيير عقليتي وأشارك معاكم أسباب فشلي لعلّي أحقق واحدا من أهدافي هذه المرة.

    أعتقد أنه وحتى لا تقع في هذه العقلية الخادعة مثلما فعلت أنا، عليك ولو لمرة أن تجرب محتوى مدفوعا. أو أن تجرب التحدث إلى من هو أعلم منك في مجالك، لتتفاجيء بكمية المعلومات الغائبة عنك فيذهب عنك الغرور وتتأكد بنفسك أنه ما زال أمامك الكثير لتتعلمه. وأدعوك لتجربة الاشتراك في رديف فهي تجربه ممتازة أعادت تشكيل تفكيري وغيرت كثيرا من عقليتي، لن أطيل عليك، فقط اذهب إلى موقعهم واقرأ تجارب الأعضاء، وإن كان لديك أي استفسار يمكنك دائما التواصل مع أستاذ يونس.

    وفي هذا السياق أحب أن أوجه الشكر الجزيل للأستاذ يونس بن عمارة -مؤسس مجتمع رديف- لأن له فضلا كبيرا علي في معرفة الكثير من الأمور التي كنت أجهل وجودها من الأصل. كما أنه لم يبخل علي ولا على أعضاء رديف، ولا حتى على متابعيه، بعلمه وخبرته، فبارك الله له في علمه.

    شكرا لقراءتك التدوينة كاملة وكما ذكرت سابقا فهذه التدوينة هي جزء من تحدي رديف للكتابة والذي أشجعك أن تشارك فيه لتحصل على اشتراك سنوي مجاني لمرة واحدة في مجتمع رديف، وهو مجتمع يضم نخبة من الكتاب ويساعدك لاحتراف الكتابة.

  • الركض بلا توقف: تجربتي مع “الإنتاجية السامة”

    تحرك فأنت لست شجرة، اعمل بجد، اختف عن الأنظار لمدة عشرة أعوام ثم عد وأثبت لهم أنك تستحق النجاح.

    “إيلون ماسك يعمل ٣٤ ساعة في اليوم ما عذرك؟”

    “مليونير يلقي بنفسه في الشارع ويصبح متشردا ويعيد صناعة المليون مرة أخرى”

    مع الانتشار الشديد لكل هذه الدعوات الصاخبة للإنجاز والإنتاجية والنجاح أصبحت أشعر بالذنب لمجرد الجلوس وفعل لا شئ. أصبحت أشعر بالتعب والقلق وكأنني أركض بشكل مستمر رغم أنني لا أعمل طوال اليوم (أقصد بالعمل هنا التعلم بمختلف أنواعه وليس الوظيفة) ولا حتى لمدة ٨ ساعات في اليوم .. فلماذا هذا التعب المستمر؟ لماذا هذا القلق والتوتر الدائم؟

    إنها الإنتاجية السامة، بدأت بالتعرف على هذا المصطلح منذ فترة قريبة -هناك تغير كبير في نظرتي للأمور حدث مؤخرا- لكني لم أتعرف عليه من مقال أو فيديو لأحد صناع المحتوى وإنما استطعت استنباطه بنفسي!

    كنت قد قرأت من قبل عن الإيجابية السامة في مدونة “مترين في متر” للرائعة العنود الزهراني وقد وجدت أنني مصاب بهذا الداء؛ فلم أكن أسمح لنفسي بالشعور بالتعاسة أو الإحباط أو أي مشاعر سلبية ظنا مني أنني سأصبح أكثر سعادة وأنني سأسيطر -أخيرا- على أفكاري السلبية المدمرة.

    لكن تأتي التدوينة في وقتها لتجبرني على إعادة التفكير في موضوع “الإيجابية” بأكمله، ومن هنا بدأت بالتشكيك في كل ما تعلمته بشأن مواضيع مترابطة كالإنتاجية والإنجاز والنجاح والفشل وما إلى ذلك من مواضيع تبدو جذابة ومفيدة جدا -وهي كذلك بالفعل- لكنها تقدَم لنا بصورة خاطئة ومدمرة، تقدم بطريقة جعلتني أشعر بالذنب لأنني أقضي بعض الوقت مع أحد أصدقائي، أو أتعلم مكعب روبيك أو أستغرق وقتا أطول من المعتاد في شرب كوب شاي أعجبني مذاقه.

    دعني أجعل الأمور أوضح قليلا، مشكلتي ليست مع تحديد الأهداف والسعي لتحقيقها ثم الاحتفال بإنجازها. مشكلتي مع -كأي شيء آخر- المبالغة الشديدة في الموضوع حتى يصل بك الأمر إلى أن تحاول “الاستفادة” من كل دقيقة من وقتك، وحتى لا يبدو الأمر ضبابيا فسأذكر لك ما لاحظته في نفسي من تصرفات وأفكار جعلتني أنتبه إلى أنني مصاب بداء الإنتاجية السامة:

    • لا أرضى بإنجازاتي مهما كانت كبيرة: سأخبرك شيئا، لقد استطعت -بفضل الله- تعلم اللغة الإنجليزية تعلما ذاتيا، فمهارات اللغة الأربع لدي في حالة جيدة جدا والحمد لله. ورغم أن هذا إنجاز كبير -على الأقل بالنسبة لي- فمازالت أشعر بأنني لم أنجز شيئا ولم أصل لأي شيء.
    • أحاول “استغلال” كل دقيقة من وقتي: كما ذكرت بالأعلى فأنت تريد أن يكون وقتك كله عبارة عن تحقيق للإنجازات، فلا وقت للنوم ولا وقت للاسترخاء، ولا وقت للجلوس مع العائلة، لا وقت سوى للدورات التدريبية والمشاريع الريادية ومحاولة الوصول للأهداف التي ربما لا تريدها أصلا (قصة أخرى سأكتب عنها قريبا)
    • تريد أن تكون منتجا “بالعافية”: سأذكر هنا مثالا واحدا على ذلك فهو كاف جدا. النوم، هل حاولت من قبل أن تكون منتجا أثناء نومك؟ إن وجدت الموضوع غريبا أو ظننت أنني احاول إلقاء نكتة من نوع ما فأنت مازالت بخير، لكن للأسف فأنا لا أمزح لأنني حاولت أن “أستغل” نومي وأحاول تحقيق أكبر قدر ممكن من ساعات النوم العميق حتى أستيقظ فأشعر بالنشاط لأدخل في دوامة أخرى من محاولة استغلال كل دقيقة من وقتي. لكن كيف ذلك؟ ببساطة كنت أحاول ترك الهاتف قبل النوم بساعتين -ودائما ما كنت أفشل وألوم نفسي- وأحاول عمل روتين للنوم يتضمن أنشطة استرخائية وروتينا للاستيقاظ يتضمن أنشطة تساعدني على أن أكون يقظا؛ لأنه بطريقة غير مفهومة أصبح نومي أسوء منذ أن حاولت تحسينه!

    حسنا، ما الحل؟

    لا أدري! فقط أحاول أن أحتفل بإنجازاتي الصغيرة، أحاول تحديد ساعات التعلم وممارسة هواياتي القديمة أو أي نوع من الأنشطة الترفيهية في أوقات فراغي، وأخيرا أحاول الإبطاء وتغيير عقلية الركض والسعي اللانهائي إلى عقلية الاستمتاع بالرحلة.

    ربما ستجد حلولا أخرى إذا قمت بالبحث باستخدام مصطلح Toxic productivity لكني لم أرد أن أشارك حلولا لم أجربها فأنا أريد أن تكون المدونة هي عقلي الثاني الذي أفرغ فيه أفكاري وأكتب فيه عن تجاربي وأناقش وجهات نظري.

    شكرا لقراءتك التدوينة كاملة وكما ذكرت سابقا فهذه التدوينة هي جزء من تحدي رديف للكتابة والذي أشجعك أن تشارك فيه لتحصل على اشتراك سنوي مجاني لمرة واحدة في مجتمع رديف، وهو مجتمع يضم نخبة من الكتاب ويساعدك لاحتراف الكتابة.

  • التخطيط هو سبب فشلي!

    سأبدأ بإخبارك قصة شخصية: قبل فترة ليست ببعيدة كنت ألقي نظرة على أهدافي للأعوام السابقة، قمت بتسجيل الدخول إلى حسابي في تريلو وبدأت بتصفح أهدافي اللانهائية المشتتة والغير منطقية فلاحظت شيئا صادما.

    هناك تشابه بين أهدافي منذ ثلاث سنوات وأهدافي الحالية، إنه ليس تشابها بل هو تطابق تام!!

    إنني -ولمدة ثلاث أعوام- أود:

    • ممارسة الرياضة بانتظام
    • الالتزام بنظام غذائي صحي
    • تعلم اللغة الألمانية
    • تعلم الشطرنج
    • تعلم البرمجة (هذه قصة أخرى لها تدوينة مستقلة)
    • إتقان التحدث أمام الجمهور
    • القراءة يوميا
    • تعلم التصوير
    • تعلم الكتابة السريعة
    • تعلم التسويق
    • تعلم إكسيل

    وأهداف أخرى ثانوية لا داعي لذكرها

    فهل يعقل أن الثلاث أعوام السابقة مرت بدون الوصول ولو لهدف واحد من أهدافي؟!

    نعم، لم أصل إلى أي شيء، لم اتعلم أي مهارة ولم أحقق أي هدف من الأهداف السابقة. وهذا ليس سبب رغبتي في الكتابة تفصيلا عن الموضوع فهناك الملايين والملايين من البشر حول العالم ممن يفشلون في تحقيق أهدافهم، لكن أعتقد أن تجربتي تستحق الكتابة عنها لأنني لم أفشل بسبب إضاعة الوقت هنا وهناك أو عدم وجود مصادر كافية للتعلم أو أي سبب آخر قد يخطر على بالك.

    السبب الحقيقي هو “وهم الإنجاز”

    وهم الإنجاز

    تود تعلم مهارة أو إتقان مجال ما، فتقرأ عن طبيعة هذا المجال، متطلباته، تبحث عن خارطة طريق كاملة، ولا بأس بقضاء بضعة أيام إضافية هنا وهناك بحثا عن حيل واختصارات لإتقان المجال في أقصر فترة ممكنة. حتى الآن لا توجد مشكلة.

    المشكلة تبدأ حين تطول تلك الفترة وتستمر كثيرا، لكن لا بأس ربما الموضوع معقد وتحتاج للقراءة كثيرا قبل أن تبدأ بتعلمه فعلا، فحتى الآن قد يكون كل ما قلته طبيعيا. لكن ما ليس طبيعيا وما قد يذهب بأعوام من عمرك سدى هو أن تظن أنك بمجرد القراءة واستهلاك المحتوى عموما أنك تحرز تقدما نحو هدفك! إن انطبق عليك الوصف السابق، فأحب أن أهنئك: لقد وقعت في الفخ!

    وهم الإنجاز هو مصطلح -لا أدري إن كان موجودا بالفعل ذا تسمية أخرى أم لا- يصف الحالة التي يظن الإنسان فيها نفسه منجزا ومحرزا للتقدم لمجرد قراءته لمقال أو مشاهدته فيديو أو استهلاك أي نوع من المحتوى. بعبارة أخرى، هي الحالة التي تستهلك فيها أكثر مما تنتج، فتقرأ الكثير والكثير من الكتب عن البرمجة بدون بناء مشروع واحد، وتشاهد الكثير من المحاضرات عن فن الإلقاء والتحدث أمام الجمهور دون أن تخرج من غرفتك وتتحدث حتى إلى أصدقائك، وهكذا.

    المشكلة هنا ليست في استهلاكك المحتوى بكميات كبيرة أو صغيرة فقط، المشكلة الحقيقية تكمن في أنك تظن أنك تحرز تقدما!!

    قد تضيع شهورا وأعواما من عمرك -كما أضعت أنا- ظنا منك أنك في الطريق الصحيح تجاه تعلم ما تود تعلمه أو الوصول لهدفك، لا داعي لتكرار نفس الخطأ، اذهب وارتكب أخطاءا جديدة وتعلم شيئا جديدا.

    كيف يؤدي بك التخطيط إلى الفشل!

    هناك أشكال مختلفة لوهم الإنجاز سأتحدث عن شكل واحد رئيسي أما الباقي فهو عبارة عن تفرعات منه:

    التخطيط: أنا شخص أحب التخطيط لأقصى درجة، كل شيء في حياتي لا بد أن يسير وفق نظام ونسق معين، حتى وقت ليس ببعيد كنت أظن أن هذه صفة حميدة، فمن يحب الفوضى و العشوائية؟ لكن اكتشفت مؤخرا -والحمد لله- أنه مجرد شكل من أشكال وهم الإنجاز. فأنا أخطط كثيرا وكثيرا بدون تنفيذ انتظارا مني لخطة مثالية ومصادر ممتازة للتعلم، وهو ما يستحيل إيجاده لأنه كما قال أحدهم:

    الخطة عديمة الفائدة، التخطيط هو كل شيء

    ويعني ذلك أن الخطة الثابتة عديمة الفائدة بل قد تكون مضرة، بينما التخطيط -وهو عملية مستمرة من تغيير وإعادة ترتيب أوراقك لتناسب الظروف المتغيرة- فهو ما سينفعك فعلا. وصدق أو لا تصدق: لا يمكنك أن تقوم بالتخطيط بدون أن تعمل وتطبق الخطة، فمع انتقالك من مرحلة بناء خطة إلى مرحلة التطبيق ستظهر لك المشاكل والعيوب الموجودة وبالتالي ستعمل على إصلاحها، أي ستعمل على التخطيط.

    هناك أشكال مختلفة للتخطيط: فمثلا، محاولتك -لوقت أطول من اللازم- لجمع المصادر ومعرفة أفضل تقنيات التعلم وتحديد ما إذا كانت المهارة مناسبة لك أو لا. أيضا محاولة تحديد وبناء خارطة طريق مكتملة -قبل أن تبدأ حتى- هو شكل آخر شائع جدا من أشكال وهم الإنجاز.

    إن كنت أكملت القراءة على أمل أن أقترح حلولا بشكل أو بآخر فأنا آسف لتخييب ظنك لأنني مازالت غارقا في وهم الإنجاز حتى هذه اللحظة لكن أحاول الخروج من هذه الدوامة عبر ممارسة وتطبيق ما أود تعلمه بدلا من مجرد القراءة فقط، وهذه التدوينة هي الخطوة الأولى تجاه التعافي.

    لكن هناك بالفعل تدوينة ممتازة لطارق ناصر يتحدث فيها عن قاعدة لتعلم واكتساب أي مهارة بسرعة، أنصحك بالاطلاع عليها.

    انتظر مني تدوينة جديدة يوميا ولمدة أربعين يوما ضمن تحدي رديف للكتابة، والذي يمكنك أنت أيضا أن تشارك فيه لتحصل على اشتراك سنوي مجاني في مجتمع رديف. أنصحك وبشدة أن تشارك في هذا التحدي.